هل كانت الحروب الصليبية ستحدث بدون الإسلام؟

هل كانت الحروب الصليبية ستحدث بدون الإسلام؟ الكاتب: إبراهيم عبدالله العمار لو لم يظهر الإسلام – وهو السبب الظاهري للحروب الصليب...

هل كانت الحروب الصليبية ستحدث بدون الإسلام؟

الكاتب: إبراهيم عبدالله العمار

لو لم يظهر الإسلام – وهو السبب الظاهري للحروب الصليبية – هل كان الغرب سيرسل حملاته؟ قد تقول "لا"، لأن نصارى الغرب اعتنقوا عداء الإسلام وأرسلوا الحملات لاستعادة بيت المقدس ولاستعمار بلادنا، لكن يرى العالم السياسي غراهام فولر أن الغرب كان سيرسلها ولو لم يوجد الإسلام!

كيف ذلك؟ لسبب بسيط: الحروب الصليبية لم تكن دينية خالصة، بل خالطتها أسباب أخرى، منها هذا السؤال لو عشت عام 1095م(سنة إعلان أول حملة صليبية): لماذا الآن؟

لم يخطر هذا في عقول القطعان الهمجية التي صرخت بحماس وهي تسمع خطبة البابا أوربان الذي حشدهم لحرب المسلمين، لكن نراه اليوم، فلو كان النصارى فعلاً متحمسين لاستعادة القدس فلمَ الآن وقد كانت في يد المسلمين أكثر من 500 سنة؟ هل فجأة صَحَت الحماسة النصرانية بعد قرون؟ ولم تكن أول مرة تسقط من أيديهم، فقد استولى الفرس على القدس قبل أن يستعيدها الملك هيراكلويس (هرقل)، ناهيك أن الذي سلمها للمسلمين هو نصارى الشرق الأرثذكس وليس الغرب الكاثوليكي والذي أتى الآن يطالب بها. 

هل السبب حرمان النصارى من العبادة هناك؟ لا! فقد تعامل المسلمون بلطف معهم وسمحوا لهم بممارسة شعائرهم بلا مضايقة كما في العهدة العمرية، عكس الفرس الساسانيون الذين عاثوا فساداً فيها. إذاً الأسباب الحقيقية – عند القادة الدينيين والسياسيين على الأقل – اقتصادية واجتماعية وسياسية. اجتماعية لأن توحيد النصارى ضد عدو مشترك صار ضرورة، لأن قبائل الفايكنغ والمجيار البدوية انتهشت أطراف أوروبا فظهرت جماعات مسلحة للدفاع، لكن لما قلت الهجمات الخارجية صارت الميليشيات هذه تتناحر، وسالت دماء وانتهكت أعراض، فبحث رؤوس النصارى عن مشروع يمتص طاقة القتال ليس لدى هؤلاء فقط بل أيضاً لقطاع الطرق، وقد نادى البابا في خطبته فقال: "نحتاج الآن أناساً ممن كانوا لصوصاً ، فسنجعلهم فرساناً". والحروب الصليبية سياسية لأن نصارى الشرق طالما احتاجوا الدعم ضد المسلمين العرب (المشرق الإسلامي) والسلاجقة الأتراك (آسيا الوسطى) لكن رفضوا الاستعانة بنصارى الغرب المعروف عنهم العنف والتخلف والقذارة، والآن رأى نصارى الغرب أن انتزاعهم القدس من المسلمين سيضعف نصارى الشرق ويقوي أوروبا الكاثوليكية لتحاول إزالة دين الأرثذكس كاملاً فيما بعد. 

إذاً الإسلام مجرد ذريعة كما يرى غراهام وبعض المؤرخين، ولو لم يوجد المسلمون لأرسلت أوروبا جيوشها ضد نصارى الشرق على أي حال، لتوحيد نصارى الغرب وامتصاص طاقة المجرمين والميليشيات ولإعزاز الكاثوليكية وعرش البابا. وإذا أردتَ المزيد من التأكيد فانظر للخيار الذي أتاحته الكنيسة لبعض النصارى الذين رفضوا الذهاب لحرب المسلمين: اقترح عليهم البابا أن يغزوا القبائل السلافية الوثنية في البلطيق!